وخلقنا من الماء كل شيء حي (صدق الله العظيم)
الماء اسم يطلق على الحالة السائلة لمركب الهيدروجين والأكسجين. وكان الفلاسفة الأقدمون يعتبرون الماء كعنصر أساسي لكل المواد السائلة وظل هذا الإعتقاد سائداً حتي القرن 18. حتى أتى الكيمائي الفرنسي أنطوان لافوازييه Antoine Lavoisier وأثبت أن الماء ليس عنصراً بل مركباً من الهيدروجين والأكسجين ثم اكتشف العالمان الفرنسي جوزيف لويس والألماني الكسندر فون همبولدت أن الماء يتكون من حجمين من الهيدروجين وحجم من الأوكسجين كما هما في التركيبة (H2O) السائدة حالياً. أي أن الماء يتكون من "جزيئات". ويحتوي كل جزيء على ثلاثة ذرات عبارة عن ذرتي هيدروجين وذرة أوكسجين واحدة.
إن الهيدروجين هو أخف عناصر الكون، وأكثرها وجوداً به، حيث تصل نسبته إلى أكثر من 90%، وهو غاز قابل للاشتعال. و الأوكسجين غاز نشط يساعد على الإشتعال . ويُكَوِّن حوالي 20% من الهواء الجوي، وهو ضروري لتنفس الكائنات الحية، ويدخل في التركيب العضوي لجميع الأحياء، مع الهيدروجين والكربون. وعلى الرغم من أن الهيدروجين غاز مشتعل، والأوكسجين غاز يساعد على الاشتعال، إلاّ أنه عند اتحاد ذرتي هيدروجين مع ذرة أوكسجين، ينتج الماء الذي يطفئ النار. ورغم أن الماء مكون من ذرات أوكسجين إلا أنه ليس الأوكسجين الذي تحتاجه الكائنات المائية الحية كالسمك والنباتات البحرية . لأنها تعيش علي الأوكسجين الذائب كغاز في الماء. والمياه الجارية في الأنهار والمحيطات والمجاري المائية بها نسبة أعلى من الأوكسجين عما في المياه الراكدة بالبرك والمستنقعات التي تعيش فيها أحياء مائية تستهلك الأوكسجين المنحل داخلها.
وليس صحيحاً أن مياه الأمطار هي أنقى أنواع المياه العذبة. فهي تحتوي على معادن مذابة من الرياح الملوثة وجسيمات من التراب وغازات مذابة كثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الكبريت كما في الأمطار الحامضية acid rain . والجليد أثناء تكوينه يمتص من الجو غاز ثاني أوكسيد الكربون وغيره من الغازات الموجودة به ومواد عضوية وغير عضوية . والمياه في انسيابها فوق قشرة الأرض تتفاعل مع المعادن في التربة والصخور وتذوب بالمياه السطحية والجوفية كبريتات وكلوريدات وبيكربونات الصوديوم والبوتاسيوم وأكاسيد الكالسيوم والماغنيسيوم . والمياه السطحية قد تتلوث بمياه المجاري والنفايات الصناعية . وقد تتسرب مياه النفايات والمجاري للمياه الجوفية أو الآبار الضحلة بما فيها فضلات الإنسان والحيوانات مكونة مواداً نيتروجينية وكلوريداتية.
صفات الماء:
الماء النقي سائل شفاف عديم اللون لا رائحة له، يستوي في ذلك الماء المالح والماء العذب. إلاّ أن الماء العذب عديم الطعم ، بينما الماء المالح له طعم مالح نتيجة ذوبان أملاح به. و المياه النقية تغلي عند درجة 100 مئوية والصفر المئوي في مستوى سطح البحر حبث يكون الضغط الجوي العادي 76سم زئبقي . أما فوق المرتفعات حيث يقل الضغط الجوي نجد أن الماء يغلي عند درجة أقل من 100 درجة مئوية . ولو أذيبت مادة في الماء ، فإن درجة التجمد تنخفض. ولهذا يرش الملح أثناء فصل الشتاء فوق الشوارع لمنع تكون الجليد . والماء كأي سائل يأخذ شكل الإِناء الذي يوضع فيه. ويمكن تحويله إلى الحالة الغازية عندما يتبخر بتأثير الحرارة، كـما بمكن تحويله إلى حالة صلبة عندما يصبح ثلجاً عند درجة الصفر المئوي.
أبعاد جزيء الماء
ويرتبط الهيدروجين الموجب الشحنة الكهربائية بالأوكسجين السالب الشحنة الكهربائية داخل جزيء الماء، برابطتين تساهميتن (Covalent Bond) قويتين تشكلان زاوية مقدارها 105 درجات،تشترك فيها كل ذرة بجزء منها مع ذرة أخرى، لتكون جزيئاً قوياً للغاية يصعب تحلله .و كل جزيء ماء يتجاذب بالجزيئات المجاورة له، من خلال تجاذب كهربي بشكل يشبه قطبي المغناطيس. فطرف ذرة الأوكسجين يمثل شحنة سالبة، وطرفا ذرتي الهيدروجين يمثلان شحنة موجبة. ونتيجة لهذا الاختلاف في الشحنات الكهربية، تتجاذب كل ذرة هيدروجين في جزئ الماء، مع ذرة أوكسجين في الجزيء المجاور، بنوع من التجاذب الكهربي، يطلق عليه "الروابط الهيدروجينية" (Hydrogen Bond) وتُعد الروابط التساهمية والهيدروجينية بين جزيئات الماء مسؤولة عن الخواص الفريدة للماء لأن الجزيئات في حركة دائمة . فسرعة حركة هذه الجزيئات تولد الحالة التي يكون عليها الماء سواء أكانت غازية (بخار) أو سائلة (ماء) أو صلبة (جليد). و كل جزيئات الماء تجذب بعضها البعض وهذا ما جعلها تتجمع معا وهذا ما يجعل نقطة الماء كروية الشكل . والماء النقي ليس حامضياً ولا قلوياً بل متعادل(7pH) ويذيب معظم المواد ولاسيما في التربة أو في النبات أوفي أجسامنا .
الماء العسر:
عسر الماء الطبيعي Hardness of natural water سببه أملاح الكالسيوم والماغنسيوم. ولو كان عسر المياه سببه بيكربونات وكربونات الكالسيوم والماغنيبوم فيعتبر عسراً مؤقتا temporary hardness ويمكن إزالته بالغليان. أما عسر المياه الدائم فيمكن ازالته بطرق كيماوية .
ولقد تم تقسيم الأملاح الذائبة والتي تسبب عسر الماء إلى خمس مجموعات وهي كالتالي:
أولاً : المكونات الأساسية
وهذه تشمل المواد الصلبة الذائبة والتي يتعدى تركيزها 5 مليجرام / لتر وقد يتجاوز هذا التركيز بكثير .
- مجموعة البيكربونات: ( HCO3-) ايون البيكربونات يعتبر هو المكون القلوي لمعظم مصادر المياه ويوجد عادة من 5 - 500 مليجرام / لتر في صورة بيكربونات البوتاسيوم ( CaHCO3 ) ويوجد في الماء عن طريق فعل الإذابة للبكتريا المولـدة لغـــاز ( CO2 ) من المعادن المحتوية على الكربونات . وكذلك النشاط الصناعي والسكاني .
كربونات وبيكربونات الكالسيوم: الكالسيوم هو العنصر الأساسي المسبب للعسر وعادة يكون من 5 ــ 500 مليجرام / لتر لكوبونات الكالسيوم ويوجد في كثير من المعادن وأساسا في الحجر الجيري (Lime Stone ) والجبس (Gypsum ) ويحتوى الماء غالبا على ( CO2 ) أو حمض الكربونيك وعند مرور الماء المحتوي على الحجر الجيري فأنه يعمل كحامض تجاه كربونات الكالسيوم مكونا بيكربونات الكالسيوم كما في المعادلة :
Ca(HCO3)2
CaCO3 + H2O
كربونات وبيكربونات المغنسيوم: يتشابه المغنسيوم مع الكالسيــوم في أسلوب تكوين البيكربونات من الكربونات , فالماء الذي يحتوى على ( CO2 ) يذيب كربونات المغنسيوم بنفس الأسلوب مكونا بيكربونات الماغنسيوم إلا أن كربونات المغنسيوم أكثر إذابة بكثير من كربونات الكالسيوم والتي تتكون تحت نفس الظروف .وتكون نسبة المغنسيوم في الماء فـي حــدود 10 ــ 50 مليجرام / لتر .
- كبريتات الكالسيوم والمغنسيوم: مجموعات الكبيريتات تذوب في الماء من بعض المعادن خاصة الجبس ومعدلها عادة من 5 ــ 200 مليجرام /لتر , وكبيرتات المغنسيوم ( MgSO4 ) ملح شديدالذوبان بينما كبريتات الكلسيوم شحيحة الذوبان في الماء .
- كلوريد المغنسيوم: تذوب أمـلاح الكـلـوريد بشدة في الماء وأملاح الكلوريد توجد عادة في مياه الشرب من 10 ــ 100 مليجرام /لتر أما في ماء البحر فأنها تصل إلى حوالي 30000 مليجرام / لتر كملح كلوريد الصوديوم (NaCl ) وكلوريد المغنسيوم ( MgCl2 ) وهو ملح شديد الإذابة في الماء ويتفاعل معه مكونا هيدروكسيد المغنسيوم كما في المعادلة التالية:
MgCl2 + 2H2O
Mg(OH)2 + 2HCl
- أملاح الصوديوم ( Sodium Salts ): كلوريد الصوديوم ( Sodium Chloride) يعتبر ملح كلوريد الصوديوم المكون الأساسي لملوحة ماء البحر وهو ملح شديد الإذابة في الماء ورمزه الكيميائي ( NaCl ) ويعرف ملح كلوريد الصوديوم بملح الطعام .
- السيلكا ( SiO2 ): السيلكا هي مادة غير معدنية ( non metal ) وتوجد عادة في معظم المعادن وتوجد في مــــاء الشرب من 1 ــ 100 مليجرام / لتر , وتزداد نسبة السيلكا عند التكاثر الموسمي للدياتوم ( Diatom ) وهو طحلب من خليه واحدة جدرانه مشبعة بالسيلكا وكذلك هياكله .
ثانياً: المواد الثانوية:
- الالمونيا ( Alammonia ): غاز شديد الإذابة في الماء , ويتفاعل مع الماء ليتكون هيدروكسيد الامونيوم، وهذا الأخير يتحلل في الماء مكونا ايون الامونيا ( NH4 + ) وآيون الهيدروكسيد ( OH- ) الامونيا إحــدى المكونات المؤقتة في الماء حيث انه جــزء من دورة النيتروجين والتي تتأثر بالنشاط البيولوجي , والامونيا منتج طبيعي من تفكك المركبات العضوية النيتروجينية . وتستخدم أملاح الامونيا لخصوبة الأرض ( Fertilizer ) والامونيا تتأكسد بتأثير البكتريا أولا لتكوين النيتريت ثم بعد ذلك إلى النيرات . ويمكن إزالة الامونيا بواسطة عملية التخلص من الغازات ( Degasification ) والتبادل الكاتيوني ( Cation - exchange ) على دورة الهيدروجين , وكذلك بواسطة الامتصاص لبعض أنواع الطمي ( Clays ) أو عن طريق النشاط البيولوجي .
- الفلوريدات ( Florides ): أملاح الفلوريد مكون أساسي لكثير من المعادن ويشمل الاباتيت ( Apatite ) والميكا ( Mica ) وتضاف بعض أملاح الفلوريد إلى ماء الشرب بنسبة من 1.5 -- 2.5 مليجرام / لتر لحماية الأسنان من التسوس وزيادة النسبة على ذلك تكون ضارة . وتوجد أملاح الفلوريد بنسبة عالية في صرف مصانع الزجاج وكذلك صناعة الحديد .وتستخدم طرق الترسيب بالجير لخفض التركيز إلى 10 - 20 مليجرام / لتر كما يمكن خفض التركيز عن طريق التبادل الأيوني .
- الحديد ( Fe -3 & Iron Fe-2 ):ويوجد الحديد في كثير من الصخور البركانية ومعادن الطمي (Clay Mineral ) في غياب الأوكسجين , يذوب الحديد بسهوله في الحالة المختزلة , وعندما يتأكسد في وسط هيدروجيني من 7 إلى 8.5 . فان الحديد في هذه الحالة عادة ما يكون عديم الإذابة , وقد يصل تركيز إلى .3 مليجرام / لتر وهو الحد الأقصى حسب معدلات مياه الشرب .
الأيونات الذائبة في الماء:
الأيونات السالبة
الأيونات الموجبة
بيكربونات
-HCO3
الكالسيوم
++Ca
كربونات
-- CO3
المغنسيوم
++ Mg
كبريتات
-- SO4
الصوديوم
+ Na
كلوريد
- Cl
البوتاسيوم
+ K
نيترات
- NO3
الحديد ثنائي
++ Fe
فوسفات
--- PO4
الحديد الثلاثي
+++ Fe
هيدروكسيد
_- OH
الهيدروجين
+H
حرارة الماء:
وتتحكم درجة حرارة الماء، ونسبة ملوحته، في كمية الغازات الذائبة في الماء. فكلما انخفضت درجة حرارة الماء، وملوحته، ازدادت مقدرة الماء على التشبع بالغازات. لذا تزداد نسبة الأكسجين كثيراً، في المياه الباردة، وتقل في المناطق الاستوائية. كما تزداد نسبة الأكسجين في المياه العذبة، عنها في المياه المالحة. وهناك مصدران رئيسيان للأكسجين الذائب في الماء، أحدهما عن طريق الهواء الجوي، لذا تزداد نسبة الأكسجين الذائب، في الماء الملامس للهواء الجوي، وتقل نسبته في المياه العميقة. ويُعد الأكسجين المتصاعد من عملية البناء الضوئي للنباتات البحرية، المصدر الثاني للأكسجين الذائب في الماء. وتمتص النباتات البحرية في هذه العملية، ثاني أكسيد الكربون الذائب في الماء ـ في وجود أشعة الشمس والكلوروفيل ـ وتكوِّن مركبات عضوية، يستفيد منها النبات، ويُخرج في المقابل الأكسجين. ويُعَدّ ثاني أكسيد الكربون، من الغازات المهمة الذائبة في الماء. وتكمن أهميته في دخوله في بناء أجسام النباتات وتكوينها. إذ تستخدمه النباتات في عملية البناء الضوئي، لتصنيع غذائها. وتعد الأنشطة الحيوية في الماء، من تنفس للكائنات الحية، وتحلل لأجسامها، المصدر الرئيسي لغاز ثاني أكسيد الكربون.
ترتبط درجة حرارة الماء بدرجة حرارة الجو؛ فترتفع درجة حرارة المياه في المناطق الاستوائية، وتقل بدرجة كبيرة في المناطق القطبية. وقد ترتفع درجة حرارة المياه ارتفاعاً شديداً، حتى تصل في بعض الأحيان إلى 36 ْم، كما يحدث في مياه الخليج العربي. وقد تنخفض، في المناطق القطبية، لتصل في بعض الأحيان، إلى أقل من الصفر المئوي، بدرجة أو درجتين. ويُعد هذا التباين في درجات حرارة الماء نعمة من الله، إذ تتباين الكائنات الحية المائية، في درجة الحرارة المثلى المناسبة لوجودها وحياتها، ما بين كائنات حية تفضل المياه الباردة، وكائنات تعيش في المياه المعتدلة، وأخرى تقطن المياه الحارة. وتغير درجة حرارة الماء تبعاً لحرارة الجو، ليس مطلقاً، كما أنه لا يشمل كل طبقات الماء في آن واحد. فطبقة الماء السطحية تكتسب حرارة الشمس، ثم تفقدها ببطء شديد. لذا، تكون درجة حرارة الماء في الشتاء، أدفأ من درجة حرارة الهواء الجوي. كما تتسرب درجة الحرارة من الطبقات السطحية، إلى الطبقات العميقة ببطء شديد، لذا تكون درجة حرارة طبقات المياه العميقة، أبرد من طبقات المياه السطحية.
وبينما تقل درجة حرارة الماء، كلما ازداد عُمقه، فإن ضغطه يزداد، كلما أوغلنا في العمق. فكل عشرة أمتار عمق في الماء، يقابلها زيادة ضغط الماء، بما يعادل واحد ضغط جوي (14 رطلاً/ بوصة مربعة). لذلك يكون ضغط الماء شديداً للغاية، عند أعماق المحيطات، حيث يصل في بعض الأحيان لما يعادل ثلاثة أطنان/ البوصة المربعة. وعلى الرغم من هذا الضغط الهائل، فإن هناك كائنات بحرية تعيش، في هذه الأعماق، وتتحمل أجسامها هذا الضغط، الأمر الذي أثار فضول الباحثين وحير العلماء في هذه القدرة العجيبة، التي أودعها الله هذه الكائنات .
وعندما تنخفض درجة حرارة الماء إلى درجة الصفر المئوي، تفقد جزيئات الماء طاقتها، وتقل حركتها، ويزيد ترابطها بالروابط الهيدروجينية، بما يزيد من الفراغات بين جزيئات الماء كما في حالة الجليد.
جميع المواد تنكمش بالبرودة، والماء حينما يبرد، ينكمش أيضا حتى يصل إلى 4 درجات مئوية، ثم يبدأ بعدها في التمدد بزيادة انخفاض درجة الحرارة. فالماء عندما يتجمد يتمدد في الحجم وتقل كثافته، ويطفو كقشرة من الجليد فوق سطح الماء. و لولا هذه الخاصية الشاذة والعلاقة بين انخفاض الكثافة وانخفاض درجة الحرارة للماء ، لازدادت كثافة الثلج المتكون على السطح عن بقية الماء، وهبط إلى القاع، معرضاً سطح الماء، الذي تحته، إلى درجة حرارة منخفضة. فتتجمد كل طبقات الماء، في مياه المناطق القطبية، أو المتجمدة بسبب شدة البرودة . ويستحيل معها الحياة . لكن الحقيقة نجدها مع انخفاض درجة حرارة الجو، تتجمد طبقات الماء العليا فقط، وتقل كثافتها وتتمدد، فتطفو على سطح الماء، وتعزل بقية الماء تحتها عن برودة الجو، فيبقى الماء سائلاً ويسمح باستمرار الحياة. والماء فوق الأرض ينظم حرارتها.
دورة الماء:
دورة الماء
فوق الأرض نجد أن دورة الماء تبين أن الماء فوق الأرض في حركة دائمة منذ بلايين السنين مابين سائل أو بخار أو مادة صلبة . فالأرض لاتصلح للحياة بدون الماء . ودورة المياه ليس لها نقطة بداية وتسيرها الشمس . فنجدها تسخن مياه المحيطات حيث توجد معظم مياه الدنيا . فيتبخر بعضها بالهواء . كما نجد ان الجليد والثلج يمكن أن يتساميا sublimate مباشرة ويتحولان من الحالة الصلبة لبخار ماء مباشرة . فنجد التيارات الهوائية ترفع البخار بالجو مع ما ينتحه النبات أو ما يتبخر من التربة من بخار ماء حيث يبرد بطبقات الجو العليا متكثفا ومكونا سحبا تسيرها الرياح حول الأرض لتنزل علي الأرض كمطر أو جليد مكونة القلنسوة الجليدية التي تحتفظ بالمياه المتجمدة لآلاف السنين .
قد ينصهر الجليد في المناخ الدافيء متحولا لماء دافق فوق الأرض كمجاري وأنهار أو تبتلعه التربة كمياه جوفية أو يصب في المحيطات والبحيرات ليعود لسيرته الأولي في عملية تدويرية منتظمة ومنظمة بحرارة الشمس . ويتميز بخار الماء بالتكثيف من الجو الدافيء لو لامس سطحا بارداً . وهذا ما نلاحظه حول كوب ماء مثلج حيث يتكون عليه من الخارج قطرات الماء . ولو تصاعد الهواء لطبقات الجو العليا الباردة تكثف ما به من بخار ماء وتكونت قطرات تتجمع معاً مكونة السحب . وهذا ما نلاحظه في الجو البارد عندما نتنفس . فنري هواء الزفير الدافيء يخرج ليصطدم بالهواء البارد فيتكثف ما به من بخار مكونا سحابة . فمصادر المياه في الطبيعة هي الأمطار ومياه البحار والبحيرات حيث المياه سطحية و مياه الآبار والينابيع حيث المياه جوفية. فماء المحيطات والبحار يصعد إلى الهواء، عن طريق عملية التبخر (Evaporation)، حيث يُكوِّن السحاب، الذي تدفعه الرياح إلى مناطق مختلفة . ويتكثف ويهطل أمطاراً على الأرض . ثم يرجع إلى المحيطات مرة أخرى .
هناك كمية قليلة من السحاب، الذي يتكّون من خلال عملية البخر من الرطوبة، الموجودة في سطح التربة وعملية النتح (Transpiration) من أوراق النبات .ثم يتكثف هذا السحاب، ليسقط أمطاراً على الأرض. وتسقط معظم هذه الأمطار، مرة أخرى، في المحيطات و البحار، ويتبقى جزء قليل يسقط على اليابسة. .ثم تبدأ دورة جديدة للمياه من المحيطات، إلى الهواء، إلى الأرض، ثم إلى المحيط. وهذه الدورة الدائمة لمياه الأرض، تُسمى دورة الماء (Water Cycle)، أو (Hydrologic Cycle). .ونتيجة لهذه الدورة، فإن كمية الماء العذب الموجودة على سطح الأرض، هي الكمية نفسها منذ قديم الأزل . وهذه الكمية يعاد تدويرها مرة بعد مرة.
مياه البحار:
وقد سُمي ماء البحر "بالماء المالح"، نظراً لاحتوائه على عدد من الأملاح الذائبة فيه، التي يؤدي ذوبانها إلى ملوحة مياهه. ومن أهم الأملاح في مياه البحار والمحيطات، المسببة للملوحة، ملح الطعام، أو ما يعرف بالاسم الكيميائي "كلوريد الصوديوم". وتصل نسبة ملح الطعام إلى حوالي 75%، من مجموع الأملاح الذائبة في ماء البحر. كما يوجد هناك عدد من الأملاح الأخرى، مثل أملاح كلوريد البوتاسيوم، وسلفات الماغنسيوم، وسلفات البوتاسيوم، وأملاح الكالسيوم، التي تشكل في مجموعها مع ملح الطعام، حوالي 3.5% من ماء البحر أو (35 جزءاً من الألف من ماء البحر). ويعني هذا أنّ لتراً واحداً، من ماء البحر، لو عُرض لعملية التبخير، لأنتج كمية من الملح، تساوي 35 جراماً.
كما تحتوي مياه البحر، كذلك، على جميع العناصر الكيميائية المعروفة، نظراً لاستقباله مياه الأنهار العذبة، التي تكون محملة بما تحتويه القشرة الأرضية من عناصر، أثناء تدفقها على سطح الأرض. ومن العناصر، التي يحتويها ماء البحر، عنصرا الذهب والفضة، وقد وجد العلماء، أن 99% من المواد الذائبة في ماء البحر تتكون بصفة أساسية من ستة مكونات، أكثرها شيوعاً الكلور، ويوجد بنسبة 1.9%، يليه الصوديوم، ويوجد بنسبة 1.06%، ثم الماغنسيوم، ثم الكبريتات، فالكالسيوم، والبوتاسيوم.
وعلى الرغم من وجود هذا الكم الهائل من الأملاح الذائبة في ماء البحر، فإن ذلك لا يغير من لون الماء شيئاً. فإذا قارنت بين كوبين، أحدهما يحتوي على ماء عذب، والآخر يحتوي على ماء مالح، من حيث اللون، فلن تجد هناك فرقاً، إذ يحتوي كلاهما على ماء شفاف لا لون له. بيد أن أحدهما يحتوي ملحاً أجاجاً لا يستساغ شربه، والآخر يحتوي عذباً فراتاً سائغاً شرابه.
ولكن هناك عددٌ من الخواص الطبيعية، التي تغيرت بوجود هذه الأملاح، منها كثافة الماء. فالماء المالح أثقل من الماء العذب، لذا نجد الطفو فوق الماء المالح، أيسر كثيراً من الطفو فوق الماء العذب. وهذا نتيجة أن السنتيمتر المكعب الواحد من الماء العذب، يزن جراماً واحداً عند درجة حرارة 4 ْم، (وقد اتخذ هذا المقدار وحدة للأوزان). أمّا السنتيمتر المكعب من الماء المالح، فيزن ما يقرب من 1.026 جرام، عند درجة الحرارة نفسها، نتيجة لوجود عددٍ من الأملاح الذائبة فيه، ويسمى هذا الوزن "الوزن النوعي" للماء المالح. ولا يعتمد وزن الماء على مقدار الملوحة فقط، بل يتأثر كذلك بدرجة الحرارة. فقد وجد العلماء أن الماء الدافئ أخف وزناً من الماء البارد. لذلك تسبب الحرارة الشديدة في المياه الاستوائية خفة وزن الماء، كما أنها تسبب في الوقت نفسه زيادة البخر، مما يزيد من نسبة الملوحة، ومن ثم زيادة وزن الماء. كما أن ازدياد برودة الماء في المناطق القطبية يسبب ازدياد وزنه، ومن ثم هبوطه إلى القاع، مسبباً التيارات المائية القطبية.
وفضلاً عن الأملاح، والأيونات، والعناصر الكيميائية، الذائبة في ماء البحر، فإنه يحتوي كذلك على عدد من الغازات الذائبة، أهمها غاز الأكسجين، الذي تستخدمه الكائنات البحرية للتنفس. وتتنفس الكائنات البحرية، كالأسماك، والرخويات، والقشريات، الأُكسجين الذائب في المياه، عن طريق أعضاء تنفسية خاصة، تسمى "الخياشيم"، وهي مماثلة للرئتين في الكائنات البرية، إلاّ أن لها القدرة على استخلاص الأكسجين من الماء. أمّا الكائنات البحرية الثديية، مثل الحيتان، والدلافين، فإنها تتنفس الأكسجين من الهواء الجوي، عن طريق الرئة الموجودة داخل جسمها، حيث تصعد من آن إلى آخر، إلى سطح الماء، للحصول على جرعة من الهواء، وإخراج ناتج التنفس، من غازات محملة بثاني أكسيد الكربون.
إرسال تعليق